هذا هو طریقنا

لقد خلقوا الیوم مثل هذه الأوضاع فی المنطقة، وأجّجوا نیران الاختلاف، ولا بد من صبّ الجهود للقضاء على هذه الاختلافات. ولقد أعلنّا للجمیع بکل صراحة: إننا نمدّ ید الصداقة إلى کافة الدول الإسلامیة فی المنطقة، ولا یوجد لدینا أیة مشکلة مع الحکومات المسلمة. إضافة إلى أن علاقاتنا مع الکثیر من جیرتنا، بل معظمها علاقات أخویة ودّیة. وإن للدول المحیطة بالجمهوریة الإسلامیة من الشمال والجنوب والغرب والشرق معنا علاقاتٍ وطیدة. وبالطبع فإن البعض منهم یصبّ الزیت على الاختلافات من قریب أو بعید، ویلجأ إلى العناد والخبث، إلا أن الأساس من جانبنا یقوم على العلاقات الحسنة مع الدول الجارة وشعوبها، کما وتربط بین بلادنا والشعوب الأخرى علاقات وثیقة.

علماً بأننا نؤمن بالثبات على المبادئ والالتزام بالأصول، ونقول بضرورة الحفاظ علیها. وقد استطاع إمامنا الخمینی العظیم بفضل الثبات على المبادئ سوق الثورة إلى النصر وصیانتها وإرساء دعائم الجمهوریة الإسلامیة، فلقد کان ملتزماً بالمبادئ والأسس. ومن هذه المبادئ: ﴿أَشِدّاءُ عَلَی الکُفّارِ رُحَماءُ بَینَهُمْ﴾. فإننا لا نبنی بنیاننا مع الأعداء والمستکبرین على أساس المصالحة والمساومة، ومع الإخوان المسلمین على أساس العداوة والخصومة، بل نفتح معهم باب الصداقة والرفاقة والأخوّة، لأننا نعتقد بضرورة أن یکون الناس ﴿أَشِدّاءُ عَلَی الکُفّارِ رُحَماءُ بَینَهُمْ﴾ ، فإن هذا هو الدرس الذی نقتبسه من إمامنا الجلیل، وهو النهج المؤکّد للجمهوریة الإسلامیة. إذ إننا فی دعم المظلوم لا ولم ننظر إلى مذهب الطرف الآخر، وهذا هو نهج إمامنا العظیم، حیث تعامل مع المقاومة الشیعیة فی لبنان کما تعامل مع المقاومة السنیة فی فلسطین دون أی فارق. وقد دعمنا إخواننا فی لبنان کما دعمنا إخواننا فی غزة دون أیّ اختلاف، رغم أن أولئک کانوا من أهل السنة وهؤلاء من الشیعة. بید أن القضیة بالنسبة لنا هی الدفاع عن الهویة الإسلامیة ومناصرة المظلوم ودعم القضیة الفلسطینیة التی تقف الیوم على رأس قضایا المنطقة الإسلامیة؛ هذه هی قضیتنا الرئیسة. ولا یوجد فرق فی عدائنا أیضاً، فقد حارب الإمام الخمینی العظیم محمد رضا بهلوی الذی کان شیعیاً فی ظاهره کما حارب صدام حسین الذی کان سنیاً بحسب الظاهر، وبالطبع لا ذاک کان شیعیاً ولا هذا کان سنیًّا، بل کانا کلاهما أجنبیّین عن الإسلام، غیر أنّ هذا یتظاهر بالتسنّن وذاک یتظاهر بالتشیع، وقد واجههما الإمام على حدّ سواء. فالقضیة لیست قضیة شیعیة وسنیة وقضیة طائفیة وما إلى ذلک، وإنما هی قضیة الأسس الإسلامیة: "کونوا لِلظّالِـمِ خَصمًا وَلِلمَظلُومِ عَونًا" .. هذا هو دستور الإسلام، وهذا هو سبیلنا ونهجنا.

إن تصعید الخلافات فی العالم الإسلامی أمرٌ محظور. ونحن نعارض سلوکیات بعض الجماعات الشیعیة التی تؤول إلى شقّ الصفوف. ولقد قلنا بصراحة إننا نعارض الإساءة لمقدسات أهل السنّة. إذ تنطلق فئة من هذا الجانب وفئة من ذاک لتأجیج نیران العداء وتصعیدها، ویحمل الکثیر منهم نوایا حسنة، سوى أنهم فاقدون للبصیرة. فلا بد من التحلی بالبصیرة، ولا بد من الوقوف على مخطط العدوّ الرامی فی الدرجة الأولى إلى إثارة الخلافات.

 

کلمة الإمام الخامنئی فی أعضاء المجمع العالمی لأهل البیت (ع) واتحاد الإذاعات والتلفزیونات الإسلامیة

17/08/2015